darkred]]وفاء بلا حدود
وكان رسول الله يحن إليها، ويذكرها دومًا، فلا يزال يذكر فضائلها حتى تغار إحدى زوجاته، وكان يكرم صويحبات خديجة، فإذا ذبح أو طبخ أهدى إليهن، إكرامًا لها. وهي في قبرها !
وإذا ذكرَها ذاكرُها في حضرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا به – صلى الله عليه وسلم – يرق لها، ويذكرها، ويستغفر لها، ويذكر فضائلها حتى يأتيه عارضٌ يقطع عليه حديثة، وضجرة – كضجرة عائشة – تحوْلُ بغيرتها بين رسول الله وبين الحديث عن خديجة، بيد أن العكس يحصل، فإذا غارت عائشة ونالت من خديجة كما تنال المرأة من ضرتها فقالت: " عجوزٌ ! قد أبدلك الله بخير منها "، زادت الطينة بلة، فيزيد رسول الله في ذكرها ويكثر من الحديث عن فضلها أكثر وأكثر ، ويستمر الحال حتى تأتيه عادية أو صارفة تقطع الحديث عن فضل خديجة !
***
ويوم بدر [ في رمضان 2 هـ ]، جاءت كل عشيرة تفتدي أسرها من نُيوب المسلمين، وكان أبو الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ - زوج زينب – بين الأسارى، وكان الإسلام قد فرق بينه وبين بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأرادت زينب – الوفية بنت الوفية – أن تنقذ زوجها من الأسر، علها تَرد له يدًا من أياديه البيضاء، أو يشرح الله صدره للإسلام .
وبينا الناسُ يتوافدون على النبي – صلى الله عليه وسلم – كل ٌيدفع الفداء لقاء قبض أسيره؛ إذ بعثت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في فداء أبي العاص بمالٍ وبعثت فيه بقلادة لخديجة، كانت أَدخلتها بها على أبي العاص .
وجيء بالمال والقلادة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لإطلاق أبي العاص، فلما وقعت عينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قلادة خديجة، رَقّ لَهَا رِقّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ – يستسمح أصحابه - :
" إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ . ففعلوا [ ابن هشام 1/652 ( بتصرف ) ]
لقد أثارت قلادة خديجة في نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذكريات، فكأنما هب إليه من إطار هذه القلادة أريجًا تنفسته خديجة، فحرك القلب الرحيم، بعدما كاد أن يقر بعد رحيل الحبيبة الكريمة، تلك المرأة التي حار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فضلها .
رق لها . ولما لا ؟ فهي قلادة لامست يومًا نَفسَ خديجة التي أعطته كل شيء نفسها وجهدها ومالها وبيتها، وتركت له كل شيىء، ولم تمتن عليه بشيء .
ورق لها، رقة شديدة، فأوشك أن يرسل عَبرة حارة من عينيه الكريمتين، بيد أن العَبرة لم تسيل على الخد إنما سالت إلى القلب، فأحس الناظرون بحرارتها في رقته الشديدة هذه . وأشفقوا عليه . وشرع يستنزل فيهم الكرم، ويستسمح أصحابه – وهو الكريم الأكرم – أن يطلقوا لزينب أسيرها . . ثم إنه في أدب جم وخلق سَجْح، يُخيرهم في ذلك ويكل إليهم القرار، ولو شاء أمرهم، فقال : " إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " .
***
وفي يوم فتح مكة[ رمضان 8هـ]، لما أراد أن يبيت، لم يذهب إلى بيت من بيوت أصحابه، وهو لو شاء لصادر أرقى بيت في مكة، ولكنه ضرب خيمته إلى جوار قبر خديجة، وكأنما لما فتح مكة؛ فتحت هي الأخرى قلبه، فنكئت فيه ذكريات خديجة الغائرةَ، وكأنما جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إليها على قدم وساق، قد اختلطت في قبله عَبرة الفراق وفرحة الفتح، ولسان حال المقام يقول : صدقت يا خديجة : " لا يخزيك الله أبدً " .
***[/size]
وكان رسول الله يحن إليها، ويذكرها دومًا، فلا يزال يذكر فضائلها حتى تغار إحدى زوجاته، وكان يكرم صويحبات خديجة، فإذا ذبح أو طبخ أهدى إليهن، إكرامًا لها. وهي في قبرها !
وإذا ذكرَها ذاكرُها في حضرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا به – صلى الله عليه وسلم – يرق لها، ويذكرها، ويستغفر لها، ويذكر فضائلها حتى يأتيه عارضٌ يقطع عليه حديثة، وضجرة – كضجرة عائشة – تحوْلُ بغيرتها بين رسول الله وبين الحديث عن خديجة، بيد أن العكس يحصل، فإذا غارت عائشة ونالت من خديجة كما تنال المرأة من ضرتها فقالت: " عجوزٌ ! قد أبدلك الله بخير منها "، زادت الطينة بلة، فيزيد رسول الله في ذكرها ويكثر من الحديث عن فضلها أكثر وأكثر ، ويستمر الحال حتى تأتيه عادية أو صارفة تقطع الحديث عن فضل خديجة !
***
ويوم بدر [ في رمضان 2 هـ ]، جاءت كل عشيرة تفتدي أسرها من نُيوب المسلمين، وكان أبو الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ - زوج زينب – بين الأسارى، وكان الإسلام قد فرق بينه وبين بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأرادت زينب – الوفية بنت الوفية – أن تنقذ زوجها من الأسر، علها تَرد له يدًا من أياديه البيضاء، أو يشرح الله صدره للإسلام .
وبينا الناسُ يتوافدون على النبي – صلى الله عليه وسلم – كل ٌيدفع الفداء لقاء قبض أسيره؛ إذ بعثت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في فداء أبي العاص بمالٍ وبعثت فيه بقلادة لخديجة، كانت أَدخلتها بها على أبي العاص .
وجيء بالمال والقلادة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لإطلاق أبي العاص، فلما وقعت عينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قلادة خديجة، رَقّ لَهَا رِقّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ – يستسمح أصحابه - :
" إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ . ففعلوا [ ابن هشام 1/652 ( بتصرف ) ]
لقد أثارت قلادة خديجة في نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذكريات، فكأنما هب إليه من إطار هذه القلادة أريجًا تنفسته خديجة، فحرك القلب الرحيم، بعدما كاد أن يقر بعد رحيل الحبيبة الكريمة، تلك المرأة التي حار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فضلها .
رق لها . ولما لا ؟ فهي قلادة لامست يومًا نَفسَ خديجة التي أعطته كل شيء نفسها وجهدها ومالها وبيتها، وتركت له كل شيىء، ولم تمتن عليه بشيء .
ورق لها، رقة شديدة، فأوشك أن يرسل عَبرة حارة من عينيه الكريمتين، بيد أن العَبرة لم تسيل على الخد إنما سالت إلى القلب، فأحس الناظرون بحرارتها في رقته الشديدة هذه . وأشفقوا عليه . وشرع يستنزل فيهم الكرم، ويستسمح أصحابه – وهو الكريم الأكرم – أن يطلقوا لزينب أسيرها . . ثم إنه في أدب جم وخلق سَجْح، يُخيرهم في ذلك ويكل إليهم القرار، ولو شاء أمرهم، فقال : " إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " .
***
وفي يوم فتح مكة[ رمضان 8هـ]، لما أراد أن يبيت، لم يذهب إلى بيت من بيوت أصحابه، وهو لو شاء لصادر أرقى بيت في مكة، ولكنه ضرب خيمته إلى جوار قبر خديجة، وكأنما لما فتح مكة؛ فتحت هي الأخرى قلبه، فنكئت فيه ذكريات خديجة الغائرةَ، وكأنما جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إليها على قدم وساق، قد اختلطت في قبله عَبرة الفراق وفرحة الفتح، ولسان حال المقام يقول : صدقت يا خديجة : " لا يخزيك الله أبدً " .
***[/size]